العُــقــاب
إِنْ عَزَّ قَومُكَ بالرّاياتِ وافْتَخَرُوا=والجَهْلُ خيَّم فَانـْـساقُوا وَمَا اعْتبَرُوا
قُمْ لِلرَّسُولِ وَقَبـِّـلْ وَجْهَ رايَتِهِ=واجْهَرْ بصَوْتِكَ والرّاياتُ تـَـنْتَشِرُ
اللهُ أَكبَرُ والأحْلامُ وَاقِعَةٌ=اللهُ أكبَرُ هذا الصُّبحُ يَنفجرُ
غَداً تـُـطِـلُّ خُيُولُ النَّصر زاحِفَةً=خَلْفَ العُقابِ وكلُّ الرَّكبِ ينتظرُ
فامسحْ دموعَك واستبشر لطَلعتها=شمسُ الخِـلافـةِ هل تـُـطوى وتحتضرُ؟
أيْنَ الخَليفَةُ والدُّنيا بـِـإمْـرَتِـه=والكونُ أشرَقَ والآفاقُ تـَـفْتَخِرُ؟
والنـّـاسُ أسعدُ مَا كانـَـتْ ببَيْعَتِه=ِحتى الكواكبُ حتى الشَّمْسُ والقَمَرُ
وَالأَرْضُ تـُـنْشِـدُ ألحاناً مُبَجَّلَةً=والنـَّـهْرُ يَعزِفُ والأَغْصانُ والشَّجَرُ
والمُسْلمونَ بـِـثـَـوْبِ العِزِّ قد رَفلُوا=لمّا أَعَدُّوا ففازوا مِثـْـلما صَبَرُوا
هَجْرُ التخاذُلِ سيماهُمْ ودَيْدَنـُـهم=لَوْلا الجِهادُ لَما سَادُوا وما عَبَرُوا
سَلْ أَهْلَ ذِمَّتِنا في ظِلِّ دَوْلتِنا=في عِزِّ مِحْـنَـتِـنَـا هلْ راعَهُمْ خَطَرُ
ما بالُنا اليومَ نبكي مَجْدَنا أسَفاً؟=حُكّامنا لكِتَابِ اللهِ قَدْ هَجَرُوا
والمسلمونَ بساحِ الذُّلّ قَدْ وَقَفُوا=بَعْدَ الخِـلافَـةِ كمْ هانـُـوا وكم صَغـُـروا
رُوما تقولُ وقدْ ضاقَتْ بـِـشِـرْعَتِهم=تـَسْتَعْجِلُ الوَعْدَ هَلْ في القَوْمِ منْ خَفَرُوا؟
روما تـَـئِنُّ وَمِنْ «باباتهم» سَئِمتْ=تستقدمُ الفَتْحَ تـَـسْتَجديكَ يا عُمرُ
والنـّـاسُ في الغرب أشـْـقى مِنْ بَهائِمِها=تـَـغـْـدو تـَـروحُ وما في القَلْبِ مُعْتَبَرُ
أينَ العُلومُ؟ وأيْنَ المالُ مُنْغـَـمِـسٌ؟=أَيْنَ الصِّنَاعةُ؟ هل تـُـغني إذا كَفَرُوا
بَغـْـدادَ قُولي لِكُلِّ الأرضِ قاطِبةً=كيف العلوج بمهد العز قد سخروا
كلُّ الشُعُوبِ لها تاريخُها أبَداً=إلاكَ بوشُ فلا يَغـْـرُرْنـَـكَ النـَّـظَرُ
إنـّـا لَنَنْظُرُ في الأَعْداءِ نَظْرَتـَـنا=نـَـغـْـتَرُّ أكثـَـرَ في الإقْدامِ إنْ كَثـُـرُوا
والقُدسُ تـَـبْكي وما في القومِ مُعْتَصِمٌ=شارونُ عَرْبَدَ والشـُّـذَّاذَ قَدْ سكرُوا
متى اليهودَ بساحِ العزِّ قدْ نـَـزَلوا=متى القرودَ على أنـْـقاضِنا كَبُرُوا
لكنَّه خَبَرٌ والذِّكْرُ أَوْرَدَه=فاسأل بَربِّك مَنْ خَاضوا وَمَنْ خَبـِـرُوا
إنَّ العُقابَ لَرَمْزٌ للعُلا أبَدا=ًدارَ الزَّمانُ وعادَ النَّصرُ والظَّـفَرُ
هذي العُقابُ أَظلَّتْ مَجْدَ هامتِـنا=والعِزُّ يَغـْـمُرُها والخَوْفُ يَنْشَطِرُ
شـَـمْسُ الخِــلافَـةِ قَـدْ لاحَـتْ بَشـائِـرُهـا=فيــــا سُــــراقَةَ كــبِّر جــاءَك الخَـــبَرُ
ما معنى العُــقــاب ثبت أن راية الرسول كانت تسمى العقاب، ذلك أن من سنة رسول الله أن يسمي الأشياء، وقد سمى رايته بالعقاب. فقد جاء في الحديث: «كان من خلقه تسمية دوابه، وسلاحه، ومتاعه، وكان اسم رايته: العقاب، وهي العلم الضخم. العُقاب (بضم العين) هو طير جارح من طيور السماء. والعُـقاب ملك الطيور بلا منازع، وسيد الطيور والهواء، إذا حلق في السماء لم يجرؤ طير أن يطير في السماء أو يتحرك من مكانه في الأرض، ويروى أن أحد أرباب الطيور الجارحة ومحترفي القنص في الصحارى، أنه كان لديه صقر، وأنه ألقى بحمامة على الأرض لصقره من أجل أن يأكلها، ولكن الصـقر ظل واجماً لا يتحرك، فنظر إلى السـماء فرأى عقاباً يطـير، فعلم أن الصـقر إن رأى العقاب يطـير في السـماء فإنه لا يجرؤ على الحــراك، وســبحان الله الخـلاق العظيم. والعرب تسمي العقاب الكاسر. قال في الكامل: العقاب سيد الطيور، والنسر عريفها، وهو حاد البصر؛ ولذلك قالت في البصر: أبصر من عقاب، وأنثاه تسمى لِقوة. والعقاب لا يأكل إلا من صيده، ولا يأكل إلا حياً، فلا يأكل الجيف والحشرات، وإن لم يجد صيداً طازجاً شهياً فإنه لا يأكل ويظل جائعاً. والعقاب يأوي إلى الجبال أو الصحارى أو الفياض، وتبيض أنثاه ثلاث بيضات في الغالب، وتحضنها ثلاثين يوماً. وهي أشد الجوارح حرارة، وأقواها حركة، وأيبسها مزاجاً، وهي خفيفة الجناح سريعة الطيران، يقول الدميري صاحب كتاب حياة الحيوان: تتغذى العقاب بالعراق وتتعشى باليمن من سرعة طيرانها، وريشها الذي عليها، فروتها في الشتاء وحليتها في الصيف. ويقول التوحيدي: ومن عجيب ما ألهمته أنها إذا اشتكت أكبادها أكلت أكباد الأرانب والثعالب فتبرأ، وهي تأكل الحيات إلا رؤوسها، والطيور إلا قلوبها.